الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 16 سبتمبر 2016

الطعن 890 لسنة 65 ق جلسة 12 / 2 / 1997 مكتب فني 48 ق 24 ص 164

جلسة 12 من فبراير سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ ناجي اسحق نقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عبد الباري سليمان ومحمود دياب ومجدي أبو العلا وهاني خليل نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(24)
الطعن رقم 890 لسنة 65 القضائية

(1) مواد مخدرة. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره" "بياناته". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
خلو التحريات من وظيفة المأذون بتفتيشه وسنه وحالته المالية والاجتماعية وكيفية حصوله على المواد المخدرة وتوزيعها. لا ينال من صحتها. ما دام أنه الشخص المقصود بالإذن. المجادلة في ذلك أمام النقض. غير مقبولة. علة ذلك؟

 (2)
تفتيش "إذن التفتيش. بياناته". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". اختصاص "الاختصاص المكاني". نيابة عامة.
العبرة في اختصاص من يملك إصدار إذن التفتيش. بحقيقة الواقع وإن تراخى ظهوره إلى وقت المحاكمة.
ذكر الاختصاص المكاني مقروناً باسم وكيل النيابة مصدر الإذن بالتفتيش. غير لازم. متى أوضحت المحكمة أن من أعطى الإذن كان مختصاً بإصداره.
صفة مصدر الإذن. ليست من البيانات الجوهرية لصحة الإذن بالتفتيش.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش في جريمة إحراز مخدر
.
(3)
مواد مخدرة. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". بطلان. دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثارة أساس جديد للدفع ببطلان التفتيش لأول مرة أمام محكمة النقض غير جائز. علة ذلك؟
 (4)
مواد مخدرة. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره والتوقيع عليه". دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وجوب أن يكون إذن التفتيش موقعاً عليه ممن أصدره. عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لهذا التوقيع. ما دام موقعاً عليه فعلاً ممن أصدره.
كون إذن التفتيش ممهور بتوقيع غير مقروء غير مفصح عن شخص مصدره لا يخالف القانون
.
 (5)
تزوير "الطعن بالتزوير". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود" "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الطعن بالتزوير من وسائل الدفاع. تقديره. موضوعي.
النعي على الحكم بالقصور لالتفاته عن الرد على الدفع بعدم صدور محضر الضبط ممن نسب إليه تحريره وتوقيعه منه. غير مقبول. ما دام لم يتساند في قضائه بالإدانة إلى ما جاء بمحضر الضبط
.
(6)
دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش". تفتيش "التفتيش بإذن". إذن التفتيش "تنفيذه". مأمورو الضبط القضائي. إجراءات "إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
لمأمور الضبط القضائي الاستعانة بالغير في إجراء القبض والتفتيش. شرط ذلك؟
أمر الندب الصادر من المندوب الأصيل لغيره من مأموري الضبط القضائي. لا يشترط أن يكون صادراً بالكتابة. علة ذلك؟
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه. غير مقبول
.
 (7)
إجراءات "إجراءات التحقيق" "إجراءات المحاكمة". إثبات "بوجه عام" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة.
إجراءات تحريز المضبوطات. عدم ترتب البطلان على مخالفتها.
 (8)
إجراءات. "إجراءات المحاكمة". إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
اطمئنان المحكمة إلى أن العينة المضبوطة هي التي أرسلت إلى التحليل وأخذها بالنتيجة التي انتهى إليها. مجادلتها في ذلك. غير مقبولة.
(9)
إثبات "خبرة". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. لا ينال من سلامة الحكم.
 (10)
مواد مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إحراز المخدر بقصد الإتجار. واقعة مادية. تقديره. موضوعي.
مثال.

-----------------
1 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وأنه لا ينال من صحة التحريات خلوها من تحديد وظيفة المأذون بتفتيشه وسنه وحالته المالية والاجتماعية وكيفية حصوله على المواد المخدرة أو توزيعها ما دام أنه الشخص المقصود بالإذن، وكانت المحكمة قد اقتنعت - على السياق المتقدم - بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه، فإن مجادلة الطاعن في ذلك أمام محكمة النقض تكون غير مقبولة لتعلق ذلك بالموضوع لا بالقانون.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان الإذن بالضبط والتفتيش لخلوه من صفة مصدره ومن بيان اختصاصه المكاني ورد عليه بقوله: "وحيث إنه عما أثاره الدفاع من أن مصدر الإذن لم يحدد نوعية اختصاصه وأنه غير مختص بإصدار الإذن فمردود عليه بأنه ليس في القانون ما يوجب ذكر الاختصاص مقروناً باسم مصدر الإذن وإذ كانت العبرة في الاختصاص المكاني لوكيل النيابة مصدر الإذن إنما تكون بحقيقة الواقع فالثابت من الإذن أن مصدره وكيل نيابة كلية وكان عرض محضر التحريات حسبما أثبت من فحواه على وكيل نيابة..... الكلية فإنه من ثم لا مراء في أن الاختصاص متوافر لمصدر الإذن وفقاً لحقيقة الواقع حسبما أسلفنا فإذا كان ذلك وكان المتهم لم يقدم ثمة دليل يظاهره أو يسانده فيما ذهب إليه في هذا الخصوص تعين الالتفات عما أثاره في هذا الصدد". وكان رد الحكم على النحو المتقدم كاف وسائغ في إطراح دفع الطاعن إذ أن العبرة في اختصاص من يملك إصدار إذن التفتيش إنما تكون بحقيقة الواقع، وإن تراخى ظهوره إلى وقت المحاكمة، وليس في القانون ما يوجب ذكر الاختصاص مقروناً باسم وكيل النيابة مصدر الإذن بالتفتيش ما دام أن المحكمة قد أوضحت أن من أعطى الإذن كان مختصاً بإصداره فضلاً عن أنه من المقرر أن صفة مصدر الإذن ليست من البيانات الجوهرية لصحة الإذن بالتفتيش. فإن نعي الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد.
3 - لما كان لا يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن دفع ببطلان إذن الضبط والتفتيش لكونه موقعاً عليه من مصدره بتوقيع غير مقروء، وكان من المقرر أنه لا يصح إثارة أساس جديد للدفع ببطلان إذن التفتيش أمام محكمة النقض ما دام أنه في عداد الدفوع القانونية المختلطة بالواقع ما لم يكن قد أثير أمام محكمة الموضوع، أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيام ذلك البطلان فإنه لا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
4 - من المقرر أن القانون وإن أوجب أن يكون إذن التفتيش موقعاً عليه بإمضاء مصدره إلا أنه لم يرسم شكلاً خاصاً لهذا التوقيع ما دام موقعاً عليه فعلاً ممن أصدره - وهو ما لم ينازع فيه الطاعن - وكون الإذن ممهوراً بتوقيع غير مقروء لا يفصح عن شخص مصدره ليس فيه مخالفة للقانون. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنحى يضحى ولا محل له.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن من عدم تحرير محضر الضبط بخط شاهد الإثبات الثاني وأن التوقيع الوارد به ليس توقيعه ورد عليه بقوله: "وحيث إنه عما أثاره الدفاع مع المتهم من أن محضر الضبط ليس محرراً بخط يد الرائد...... وأن التوقيع الوارد عليه ليس توقيعه لأنه (فرمة) فمردود بأن القانون لا يوجب أن يحضر مع مأمور الضبطية القضائية وقت مباشرة التحقيق وجمع الاستدلالات المنوط به كاتب لتحرير ما يجب تحريره من المحاضر ومؤدى ذلك أن مأمور الضبطية القضائية هو المسئول وحده عن صحة ما دون بمحاضره فلا يهم بالتالي إن كان قد حررها بقلم مباشرة أو بواسطة الاستعانة بآلة ميكانيكية أو يد أجنبية لأن عدم مباشرته تحريرها بخط يده لا يؤثر في اعتبارها محررة في حضرته وتحت بصره ومحرر محضر الضبط الرائد..... لم يدع أن محضر الضبط دون به ما لم يجريه أو يباشره من إجراءات ضبط وتفتيش بل ورد في أقواله بالتحقيقات حرفياً كل ما جاء في هذا المحضر الأمر الذي يضحى معه كل ما أثاره الدفاع في هذا الخصوص متعين الالتفات عنه سيما وأن عدم تحرير مأمور الضبط القضائي محضراً بكل ما يجريه في الدعوى قبل حضور النيابة العامة من إجراءات التفتيش والقبض وجمع الاستدلالات لا يوجب بطلان وإنما هو لتنظيم العمل وحسن سيره". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطعن بتزوير في ورقة من الأوراق المقدمة في الدعوى هو من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير المحكمة، وكانت المحكمة في حدود هذه السلطة التقديرية قد أطرحت الطعن بالتزوير محضر الضبط بما أوردته فيما تقدم من رد سائغ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه تساند في قضائه بالإدانة إلى أقوال شاهدي الإثبات بالتحقيقات وتقرير المعمل الكيماوي ولم يتساند إلى محضر الضبط فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
6 - لما كان من المقرر أن لمأمور الضبط القضائي أن يستعين في إجراء الضبط والتفتيش بمن يرى مساعدته فيه ما دام يعمل تحت إشرافه. وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن من قام بالتفتيش هو من مأموري الضبط القضائي وأنه ندب لذلك شفاهة من الضابط المأذون له من النيابة العامة بالتفتيش، وقد تم الضبط والتفتيش بحضور المندوب الأصيل ومشاركته، وكان من المقرر أنه لا يشترط في أمر الندب الصادر من المندوب الأصيل لغيره من مأموري الضبط القضائي أن يكون ثابتاً بالكتابة لأن من يجري التفتيش في هذه الحالة لا يجريه باسم من ندبه وإنما يجريه باسم النيابة العامة الآمرة به. فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان الطاعن لم يطلب إجراء تحقيق في هذا الشأن فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة لإجرائه. ومن ثم فإن ما ينعاه في هذا الشأن يكون غير مقبول.
7 - من المقرر أن قضاء محكمة النقض قد استقر على أن إجراءات تحريز المضبوطات وفقاً لما نصت عليه المادة 52 وما بعدها من قانون الإجراءات الجنائية لا يترتب على مخالفتها أي بطلان وترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل وأن الأحراز المضبوطة لم يصل إليها العبث - وهو ما ركن إليه الحكم المطعون فيه - فإنه لا يقبل من الطاعن منعاه على الحكم في هذا الشأن.
8 - لما كان ما يثيره الطاعن من اختلاف وزن المخدر مردود بما هو مقرر من أنه متى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن العينة المضبوطة هي التي أرسلت للتحليل وصار تحليلها واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك ولا جناح عليها إن هي التفتت عن الرد على دفاعه في هذا الشأن ما دام أنه ظاهر البطلان وبعيد عن محجة الصواب.
9 - من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه.
10 - لما كان إحراز المخدر بقصد الإتجار هو واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها ما دام أنه يقيمها على ما ينتجها، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه عرض لقصد الإتجار في قوله: "وحيث إنه عن قصد المتهم من إحراز المخدر المضبوط بنوعيه فإن المحكمة ترى أنه كان بقصد الإتجار دلالة ذلك ما شهد به ضابطي الواقعة الرائد..... والرائد..... واطمأنت إليه المحكمة من أن المتهم...... يتجر في المخدرات ولظروف الضبط وتنوع المادة المخدرة المضبوطة حشيش وأفيون وكبر كميتها قائما 348.45 جرام حشيش وقائما 27.80 جرام أفيون ووجود ميزان كفتيه ملوثتين بآثار مخدر الحشيش والأفيون المضبوطين وكذا أمواس حلاقة ملوثة بآثار المخدر". وكانت المحكمة - على السياق المتقدم - قد اقتنعت في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي أن إحراز الطاعن للمخدر كان بقصد الإتجار فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الإتجار جوهرين مخدرين "أفيون وحشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات...... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ 1، 2، 34/ أ، 36، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين 40 لسنة 1969، 122 لسنة 1989 والبندين 9، 57 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمستبدل بالقانون الأخير مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ست سنوات وبتغريمه مائة ألف جنيه ومصادرة المخدرين والأدوات المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهرين مخدرين بقصد الإتجار قد شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع وفساد في الاستدلال، ذلك بأن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان الإذن بالضبط والتفتيش لعدم جدية التحريات مدللاً على ذلك بعدم توصل التحريات للرتبة العسكرية الصحيحة للطاعن وتحديد سنه وعملائه ومعاونيه ومصدر حصوله على المواد المخدرة وحالته المالية والاجتماعية، كما دفع ببطلان الإذن لعدم بيان صفة مصدره واختصاصه المكاني، ولكونه موقعاً عليه من مصدره بتوقيع غير مقروء إلا أن الحكم رد على الدفعين الأول والثاني بما لا يصلح رداً، بينما أغفل الرد على ما أثاره بشأن التوقيع على الإذن، وأطرح دفاع الطاعن عدم صدور محضر الضبط ممن نسبه إليه تحريره وعدم توقيعه منه بما لا يسوغ إطراحه، وتمسك المدافع عن الطاعن ببطلان التفتيش لحصوله من ضابط غير مأذون له بإجرائه ولم يصدر له ندب كتابي بذلك من المأذون له بالتفتيش إلا أن الحكم رد على هذا الدفاع بما لا يصلح رداً ولم تجر المحكمة تحقيقاً في هذا الشأن، كما تمسك الطاعن ببطلان إجراءات تحريز المخدر لقرائن عددها، وبوجود فارق ملحوظ في الوزن بين ما أرسل منه إلى المعامل الكيماوية لتحليله وما تم تحليله إلا أن الحكم لم يرد على هذا الدفاع، كما اكتفى بمجرد الإشارة إلى النتيجة التي انتهى إليها تقرير المعامل الكيماوية دون إيراد مضمونه، هذا فضلاً عن أن الحكم لم يدلل على توافر قصد الإتجار في حق الطاعن تدليلاً سائغاً، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات وتقرير المعمل الكيماوي، والتي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفع الطاعن ببطلان إذن النيابة العامة بالتفتيش لعدم جدية التحريات وأطرحه في قوله: "وحيث إنه وعن الدفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية فهذا الدفع ترد عليه المحكمة بأنه مردود ذلك بأن من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تأذن النيابة العامة بإجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة جناية أو جنحة قد وقعت من شخص معين وأن يكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص ما يبرر تعرض التحقيق لحريته وحرية مسكنه في سبيل كشف مبلغ اتصاله بتلك الجريمة. لما كان ذلك، وكان تقدير التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وإذ كانت هذه المحكمة تقتنع بما جاء بمحضر التحريات وأقوال الرائد...... بالتحقيقات بجدية هذه التحريات التي بني عليها إذن التفتيش وتوافر مسوغات إصداره. الأمر الذي يكون فيه الدفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية غير سديد متعين الالتفات عنه". وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وأنه لا ينال من صحة التحريات خلوها من تحديد وظيفة المأذون بتفتيشه وسنه وحالته المالية والاجتماعية وكيفية حصوله على المواد المخدرة أو توزيعها ما دام أنه الشخص المقصود بالإذن. وكانت المحكمة قد اقتنعت - على السياق المتقدم - بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه، فإن مجادلة الطاعن في ذلك أمام محكمة النقض تكون غير مقبولة لتعلق ذلك بالموضوع لا بالقانون. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان الإذن بالضبط والتفتيش لخلوه من صفة مصدره ومن بيان اختصاصه المكاني ورد عليه بقوله: "وحيث إنه عما أثاره الدفاع من أن مصدر الإذن لم يحدد نوعية اختصاصه وأنه غير مختص بإصدار الإذن فمردود عليه بأنه ليس في القانون ما يوجب ذكر الاختصاص مقروناً باسم مصدر الإذن وإذ كانت العبرة في الاختصاص المكاني لوكيل النيابة مصدر الإذن إنما تكون بحقيقة الواقع فالثابت من الإذن أن مصدره وكيل نيابة كلية وكان عرض محضر التحريات حسبما أثبت من فحواه على وكيل نيابة....... الكلية فإنه من ثم لا مراء في أن الاختصاص متوافر لمصدر الإذن وفقاً لحقيقة الواقع حسبما أسلفنا فإذا كان ذلك وكان المتهم لم يقدم ثمة دليل يظاهره أو يسانده فيما ذهب إليه في هذا الخصوص تعين الالتفات عما أثاره في هذا الصدد". وكان رد الحكم على النحو المتقدم كاف وسائغ في إطراح دفع الطاعن إذ أن العبرة في اختصاص من يملك إصدار إذن التفتيش إنما تكون بحقيقة الواقع، وإن تراخى ظهوره إلى وقت المحاكمة، وليس في القانون ما يوجب ذكر الاختصاص مقروناً باسم وكيل النيابة مصدر الإذن بالتفتيش ما دام أن المحكمة قد أوضحت أن من أعطى الإذن كان مختصاً بإصداره فضلاً عن أنه من المقرر أن صفة مصدر الإذن ليست من البيانات الجوهرية لصحة الإذن بالتفتيش. فإن نعي الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن دفع ببطلان إذن الضبط والتفتيش لكونه موقعاً عليه من مصدره بتوقيع غير مقروء. وكان من المقرر أنه لا يصح إثارة أساس جديد للدفع ببطلان إذن التفتيش أمام محكمة النقض ما دام أنه في عداد الدفوع القانونية المختلطة بالواقع ما لم يكن قد أثير أمام محكمة الموضوع، أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيام ذلك البطلان فإنه لا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. هذا فضلاً عن أن القانون وإن أوجب أن يكون إذن التفتيش موقعاً عليه بإمضاء مصدره إلا أنه لم يرسم شكلاً خاصاً لهذا التوقيع ما دام موقعاً عليه فعلاً ممن أصدره - وهو ما لم ينازع فيه الطاعن - وكون الإذن ممهوراً بتوقيع غير مقروء لا يفصح عن شخص مصدره ليس فيه مخالفة للقانون. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنحى يضحى ولا محل له. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن من عدم تحرير محضر الضبط بخط شاهد الإثبات الثاني وأن التوقيع الوارد به ليس توقيعه ورد عليه بقوله: "وحيث إنه عما أثاره الدفاع مع المتهم من أن محضر الضبط ليس محرراً بخط الرائد..... وأن التوقيع الوارد عليه ليس توقيعه لأنه (فرمه) فمردود أن القانون لا يوجب أن يحضر مع مأمور الضبطية القضائية وقت مباشرة التحقيق وجمع الاستدلالات المنوط به كاتب لتحرير ما يجب تحريره من المحاضر ومؤدى ذلك أن مأمور الضبطية القضائية هو المسئول وحده عن صحة ما دون بمحاضره فلا يهم بالتالي إن كان قد حررها بقلم مباشرة أو بواسطة الاستعانة بآلة ميكانيكية أو يد أجنبية لأن عدم مباشرته تحريرها بخط يده لا يؤثر في اعتبارها محررة في حضرته وتحت بصره ومحرر محضر الضبط الرائد..... لم يدع أن محضر الضبط دون به ما لم يجريه أو يباشره من إجراءات ضبط وتفتيش بل ورد في أقواله بالتحقيقات حرفياً كل ما جاء في هذا المحضر الأمر الذي يضحى كل ما أثاره الدفاع في هذا الخصوص متعين الالتفات عنه سيما وأن عدم تحرير مأمور الضبط القضائي محضراً بكل ما يجريه في الدعوى قبل حضور النيابة العامة من إجراءات التفتيش والقبض وجمع الاستدلالات لا يوجب بطلان وإنما هو لتنظيم العمل وحسن سيره". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطعن بالتزوير في ورقة من الأوراق المقدمة في الدعوى من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير المحكمة، وكانت المحكمة في حدود هذه السلطة التقديرية قد أطرحت الطعن بتزوير محضر الضبط بما أوردته فيما تقدم من رد سائغ. وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه تساند في قضائه بالإدانة إلى أقوال شاهدي الإثبات بالتحقيقات وتقرير المعمل الكيماوي ولم يتساند إلى محضر الضبط فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض على المتهم وتفتيشه لحصوله من ضابط غير مأذون له بإجرائه ولم يصدر له ندب كتابي بذلك من المأذون له بالتفتيش وأطرحه في قوله: "وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض على المتهم وتفتيشه لأن الرائد..... ليس مأذوناً له بذلك كما لم يصدر له ندب شفهي أو كتابي فمن المقرر أنه إذا كان الإذن بالتفتيش قد صدر من النيابة العامة لأحد مأموري الضبط القضائي أو لمن يعاونه أو يندبه فإن انتقال أي من هؤلاء لتنفيذه يحمل كأنه أجراه بمفرده صحيحاً لوقوعه في حدود الأمر الصادر من النيابة العامة والذي خول كل منهم سلطة إجرائه ما دام من أذن بالتفتيش لم يقصد أن يقوم بتنفيذه واحد بالذات بحيث يكون مقصوراً عليه لا يتعداه بالإجازة إلى غيره والثابت من إذن التفتيش موضوع الدعوى أنه أذن للرائد..... محرر محضر التحريات أو من يندبه أو يعاونه في إجراء تفتيش المتهم ومسكنه وملحقات مسكنه والثابت من الأوراق أن الرائد...... كان متواجداً على مسرح الواقعة وأن الضبط والتفتيش كانا على مرأى منه وتحت بصره، لكل ذلك يضحى هذا الدفع على غير أساس من الواقع أو القانون تلتفت عنه المحكمة". لما كان ذلك، وكان لمأمور الضبط القضائي أن يستعين في إجراء الضبط والتفتيش بمن يرى مساعدته فيه ما دام يعمل تحت إشرافه، كما هو الحال في هذه الدعوى، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن من قام بالتفتيش هو من مأموري الضبط القضائي وأنه ندب لذلك شفاهة من الضابط المأذون له من النيابة العامة بالتفتيش، وقد تم الضبط والتفتيش بحضور المندوب الأصيل ومشاركته، وكان من المقرر أنه لا يشترط في أمر الندب الصادر من المندوب الأصيل لغيره من مأموري الضبط القضائي أن يكون ثابتاً بالكتابة لأن من يجري التفتيش في هذه الحالة لا يجريه باسم من ندبه وإنما يجريه باسم النيابة العامة الآمرة به، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يطلب إجراء تحقيق في هذا الشأن فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة لإجرائه. ومن ثم فإن ما ينعاه في هذا الشأن يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان قضاء محكمة النقض قد استقر على أن إجراءات تحريز المضبوطات وفقاً لما نصت عليه المادة 52 وما بعدها من قانون الإجراءات الجنائية لا يترتب على مخالفتها أي بطلان وترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل وأن الأحراز المضبوطة لم يصل إليها العبث - وهو ما ركن إليه الحكم المطعون فيه - فإنه لا يقبل من الطاعن منعاه على الحكم في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من اختلاف وزن المخدر مردود بما هو مقرر من أنه متى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن العينة المضبوطة هي التي أرسلت للتحليل وصار تحليلها واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل - كما هو الحال في هذه الدعوى - فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك ولا جناح عليها إن هي التفتت عن الرد على دفاعه في هذا الشأن ما دام أنه ظاهر البطلان وبعيد عن محجة الصواب. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد مؤدى تقرير المعمل الكيماوي وأبرز ما جاء به من أن المواد المضبوطة هي مادتي الحشيش والأفيون، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بعدم إيراده مضمون تقرير المعمل الكيماوي لا يكون له محل، لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. لما كان ذلك، وكان إحراز المخدر بقصد الإتجار هو واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها ما دام أنه يقيمها على ما ينتجها، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه عرض لقصد الإتجار في قوله: "وحيث إنه عن قصد المتهم من إحراز المخدر المضبوط بنوعيه فإن المحكمة ترى أنه كان بقصد الإتجار دلالة ذلك ما شهد به ضابطي الواقعة الرائد..... والرائد.... واطمأنت إليه المحكمة من أن المتهم..... يتجر في المخدرات ولظروف الضبط وتنوع المادة المخدرة المضبوطة حشيش وأفيون وكبر كميتهما قائماً 348,45 جرام حشيش قائماً 27,80 جرام أفيون ووجود ميزان كفتيه ملوثتين بآثار مخدر الحشيش والأفيون المضبوطين وكذا أمواس حلاقة ملوثة بآثار المخدر" وكانت المحكمة - على السياق المتقدم - قد اقتنعت في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي أن إحراز الطاعن للمخدر كان بقصد الإتجار فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق