الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 12 سبتمبر 2016

الطعن 1868 لسنة 34 ق جلسة 3 / 5 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 100 ص 555

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة, وبحضور السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ, ومحمود عزيز الدين سالم, وحسين سامح, ومحمود عباس العمراوي.
------------
- 1  التماس إعادة النظر .
الحالات الأربع الأولي الواردة في المادة 441 إجراءات يجمعها معيار محدد أساسه أن الواقعة الجديدة المسوغة لإعادة نظر الدعوي إما أن ينبني عليها بذاتها ثبوت براءة المحكوم عليه بوجود المدعي قتله حيا أو بقيام التناقض بين حكمين بحيث يستنتج منه براءة أحد المحكوم عليهما ، وإما أن ينبني عليها انهيار أحد الأدلة المؤثرة في الحكم بالإدانة ، كالحكم علي الشاهد أو الخبير بالعقوبة المقررة لشهادة الزور أو الحكم بتزوير ورقة قدمت في الدعوي أو إلغاء الأساس الذي بني عليه الحكم قصد المشرع من الحالة الخامسة الواردة بالمادة المذكورة علي ضوء الأمثلة التي ضربتها المذكرة الإيضاحية أن تدل بذاتها علي براءة المحكوم عليه أو يلزم عنها سقوط الدليل علي إدانته أو علي تحمله التبعة الجنائية عدم الاكتفاء فيها بعدول مجرد لشاهد أو متهم عما سبق أن أدلي به لدي محكمة الموضوع ، دون أن يصاحب عدوله ما يحسم بذاته الأمر ويقطع بترتيب أثره في ثبوت براءة المحكوم عليه .
يبين من نص المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية التي حددت حالات طلب إعادة النظر ومما ورد بمذكرتها الإيضاحية ومن المقارنة بينها وبين نص القانون الفرنسي المستمدة منه أن الحالات الأربع الأولى التي وردت في المادة المشار إليها، وهي حالات منضبطة يجمعها معيار محدد أساسه أن الواقعة الجديدة المسوغة لإعادة نظر الدعوى إما أن ينبني عليها بذاتها ثبوت براءة المحكوم عليه بوجود المدعى قتله حياً أو بقيام التناقض بين حكمين بحيث يستنتج منه براءة أحد المحكوم عليهما، وإما أن ينبني عليها انهيار أحد الأدلة المؤثرة في الحكم بالإدانة كالحكم على الشاهد أو الخبير بالعقوبة المقررة لشهادة الزور أو الحكم بتزوير ورقة قدمت في الدعوى أو إلغاء الأساس الذي بني عليه الحكم. والملاحظ أن القانون المصري كان في صدد تحديد الحالات التي يجوز فيها طلب إعادة النظر أكثر تشدداً من القانون الفرنسي، إذ بينما تنص الفقرة الأولى من المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية على "وجوب وجود المدعى قتله حياً" لاعتباره وجهاً لإعادة النظر، يترخص القانون الفرنسي فيكتفي بظهور أوراق من شأنها إيجاد الأمارات الكافية على وجوده حياً. وقد كان النص الفرنسي أمام الشارع المصري وقت وضع قانون الإجراءات الجنائية ومع ذلك فقد آثر احتراما لحجية الأحكام الجنائية ألا يكتفي بتطلب مجرد ظهور الدليل على وجود المدعى قتله حياً بل أوجب وجوده بالفعل حياً، مما يؤكد أنه يتطلب الدليل الجازم القاطع بذاته في ثبوت براءة المحكوم عليه أو سقوط الدليل على إدانته. ولما كان من غير المقبول - على هدى ما تقدم - أن يتشدد الشارع في الحالات الأربع للمادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية ليفتح الباب على مصراعيه في الحالة الخامسة التي تستوعب بعمومها ما تقدمها، وإنما قصد بها في ضوء الأمثلة التي ضربتها المذكرة الإيضاحية والتي تدل بذاتها على براءة المحكوم عليه أو يلزم عنها سقوط الدليل على إدانته أو على تحمله التبعة الجنائية، وباستصحاب سياسة التشريع والقاعدة العامة التي أرشد الشارع إلى عناصرها في الفقرات السابقة عليها - أن تكون نصاً احتياطيا ابتغاء أن يتدارك بها ما عساه أن يفلت من صور تتحاذى معها ولا تنفك عنها والتي قد يتعذر فيها إقامة الدليل على الوجه المتطلب قانوناً، كوفاة الشاهد أو عتهه أو تقادم الدعوى الجنائية قبله أو لغير ذلك من حالات شبيهة مما لازمه عدم الاكتفاء فيها بعدول مجرد لشاهد أو متهم عما سبق أن أدلى به لدى محكمة الموضوع دون أن يصاحب عدوله ما يحسم بذاته الأمر ويقطع بترتيب أثره في ثبوت براءة المحكوم عليه، وهو ما يقيم موازنة عادلة لا إفراط فيها أو تفريط بين حق المحكوم عليه وصالح المجتمع الذي يضيره المساس من غير سبب جازم بقوة الشيء المقضي فيه جنائياً وهي من حالات النظام العام التي تمس مصلحة المجتمع والتي تقضي بوضع حد لنزاع فصل فيه القضاء نهائياً، وهو ما سجلته المادة 455 من قانون الإجراءات الجنائية حين نصت على أنه لا يجوز الرجوع إلى الدعوى الجنائية بعد الحكم فيها نهائياً بناء على ظهور أدلة جديدة أو ظروف جديدة أو بناء على تغيير الوصف القانوني للجريمة، فأصبح بذلك حكم القضاء عنوان حقيقة هي أقوى من الحقيقة نفسها مما لا يصح معه النيل منها بمجرد دعوى غير حاسمة، كما أنه لا يجوز أن تكون محلاً للمساومة بين الأفراد. والقول بغير ذلك مضيعة لوقت القضاء وهيبته ومجلبة لتناقض أحكامه ما بقى الأمر معلقاً بمشيئة المحكوم عليهم كلما حلا لهم تجديد النزاع وإعادة طرحه على القضاء.
- 2  التماس إعادة النظر
لا يكفي لإعادة النظر في الدعوى الادعاء بأن المحكمة التي أصدرت الحكم كانت مخطئة في فهم الوقائع وتقدير الأدلة التي كانت مطروحة أمامها .
الأصل أنه لا يكفي لإعادة النظر في الدعوى الادعاء بأن المحكمة التي أصدرت الحكم كانت مخطئة في فهم الوقائع وتقدير الأدلة التي كانت مطروحة أمامها.
--------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة طالبي إعادة النظر وآخر بأنهم في يوم 16 من أكتوبر سنة 1960 بدائرة مركز سنورس محافظة الفيوم: ضربوا مع سبق الإصرار والترصد ........ فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديه من جراء إحداها عاهة مستديمة هي فقد عظمي بقبوة الرأس لن يملا في المستقبل بالعظام بل بنسيج ليفي وما ضاعف هذه الإصابات من صعوبة في النطق وشلل بالطرف العلوي الأيمن. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمادة 240/2 من قانون العقوبات, فقررت بذلك. ومحكمة جنايات الفيوم قضت بتاريخ 16 من أبريل سنة 1964 عملا بالمادتين 232 و240/2 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين الثلاثة بالإشغال الشاقة لمدة أربع سنوات وإلزام المتهمين الثلاثة متضامنين أن يدفعوا للمدعي المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض, وقضت محكمة النقض بتاريخ 2 من مارس سنة 1965 برفضه. وبتاريخ 28 من يوليو سنة 1965 قدم وكيل طالبي إعادة النظر طلبا إلى السيد النائب العام لإعادة النظر في الحكم النهائي الصادر بإدانتهما طبقا للفقرة الخامسة من المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية والحق به طلبا أخر بتاريخ 11 من أكتوبر سنة 1965 وأسس الطلب على الوقائع والأوراق التي ظهرت من التحقيق الذي أجرته النيابة العامة في شأن طلبي إعادة النظر سالفي الذكر استنادا إلى أنه حدثت وظهرت بعد الحكم النهائي في الدعوى وقائع وأوراق لم تكن معلومة وقت المحاكمة تخلص فيما يلي: (أولا) أن المجني عليه ووالده أقرا في مجلس الصلح الذي عقد قبل صدور الحكم في موضوع الدعوى ببراءة المحكوم عليهما سالفي الذكر. وأن الاتهام ملفق لهما. (ثانيا) أن مجلس صلح آخر عقد بهيئة تحكيم في يوم 12 يونيه سنة 1965 بعد أن قضي برفض الطعن المرفوع عن الحكم الصادر في الدعوى وقد انتهي هذا المجلس إلى إلزام عائلة المجني عليه دفع مبلغ ألف جنيه. (ثالثا) أن المجني عليه ووالده أقرا أمام المجلس الأخير بأن المحكوم عليهما سالفي الذكر لم يكونا موجودين بمكان الحادث وقت ارتكابه وأن الاتهام قد ألصق بهما لمجرد الرغبة في الانتقام منهما والحرص علي إمكان الحصول علي ما عساه أن يقضي به من تعويض. (رابعا) أن أعضاء مجلس الصلح يشهدون بما تقدم. (خامسا) أن وكيل المحكوم عليهما قد حصل بعد تقديم طلبه الأول على تسجيل صوتي للمجني عليه سجل فيه بمكتبه إقراره الصريح بأن المحكوم عليهما المذكورين لم يعتديا عليه. (سادسا) أن المجني عليه قد أقر بعد تقديم الطلب الأول أيضا بموجب إقرار موقع عليه منه ومحرر بخط شقيق له بأن المحكوم عليهما المذكورين لم يعتديا عليه وأن الاتهام ملفق لهما. وقد أجرت النيابة العامة تحقيق الأمر ثم رفع السيد النائب العام طلب إعادة النظر مع التحقيقات المشار إليها إلى اللجنة المنصوص عليها في المادة 443 من قانون الإجراءات الجنائية التي أصدرت قرارها بتاريخ 17 من مارس سنة 1966 بقبوله وإحالته إلى محكمة النقص... إلخ.
----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وتلاوة التقرير وسماع أقوال النيابة العامة والخصوم وشهادة من حضر من الشهود والتحقيقات التي أجريت بالجلسة والمداولة قانونا
من حيث إن الطلب قد استوفى المراحل التي يتطلبها القانون
وحيث إنه يبين من وقائع الطلب أنه بنى على الفقرة الخامسة من المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية, وأساسه عدول المجني عليه عن شهادته التي أدلى بها أمام محكمة الموضوع من اتهام المتهمين الثاني والثالث في الدعوى (............. و..........) عدولا مسجلا عليه بإقرار كتابي وتسجيل صوتي وشهادة المحكمين. وقد أجرت هذه المحكمة تحقيقا أصر فيه المجني عليه على شهادته التي سبق أن أدلى بها أمام محكمة الموضوع من اتهام المتهمين - المحكوم عليهما - طالبي إعادة النظر, كما ظاهره والده........ في هذا الشأن
وحيث إن المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية قد حددت حالات طلب إعادة النظر بنصها على أنه: "يجوز طلب إعادة النظر في الأحكام النهائية الصادرة بالعقوبة في مواد الجنايات والجنح في الأحوال الآتية: (1) إذا حكم على المتهم في جريمة قتل, ثم وجد المدعي قتله حيا. (2) إذا صدر حكم على شخص من أجل واقعة, ثم صدر حكم على شخص آخر من أجل الواقعة عينها, وكان بين الحكمين تناقض بحيث يستنتج منه براءة أحد المحكوم عليهما. (3) إذا حكم على أحد الشهود أو الخبراء بالعقوبة لشهادة الزور وفقا لأحكام الباب السادس من الكتاب الثالث من قانون العقوبات, أو إذا حكم بتزوير ورقة قدمت أثناء نظر الدعوى, وكان للشهادة أو تقرير الخبير أو الورقة تأثير في الحكم. (4) إذا كان الحكم مبنيا على حكم صادر من محكمة مدنية أو من إحدى محاكم الأحوال الشخصية وألغى هذا الحكم. (5) إذا حدثت أو ظهرت بعد الحكم وقائع أو إذا قدمت أوراق لم تكن معلومة وقت المحاكمة, وكان من شأن هذه الوقائع أو الأوراق ثبوت براءة المحكوم عليه" وجاء في المذكرة الإيضاحية للقانون - تعليقا على الفقرة الخامسة التي هي سند الطالبين في طلبهما - أنه "نص فيها على صورة عامة تنص عليها أغلب القوانين الحديثة وهي حالة ما إذا حدثت أو ظهرت بعد الحكم وقائع أو إذا قدمت أوراق لم تكن معلومة وقت المحاكمة وكان من شأن هذه الوقائع أو الأوراق المذكورة ثبوت براءة المحكوم عليه. ومثل ذلك ما لو ثبت بعد الحكم على متهم أنه كان مصابا بالعاهة في عقله وقت ارتكابها أو أنه كان محبوسا في هذا الوقت أو عثر على الشيء المسروق لدى المجني عليه أو عثر على إيصال برد الأمانة" وقد استمد الشارع حكم المادة سالفة البيان من المادة 443 من قانون تحقيق الجنايات الفرنسي بعد تعديلها بالقانون الصادر في 8 يونيه سنة 1895 التي صار موضعها المادة 622 من قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي الجديد الصادر بالقانون الرقيم 31 ديسمبر سنة 1957 - ويبين من نص القانون المصري ومما ورد بمذكرته الإيضاحية ومن المقارنة بينه وبين نص القانون الفرنسي أن الحالات الأربع الأولى التي وردت في المادة 441 المشار إليها, وهي حالات منضبطة يجمعها معيار محدد أساسه أن الواقعة الجديدة المسوغة لإعادة نظر الدعوى إما أن ينبني عليها بذاتها ثبوت براءة المحكوم عليه بوجود المدعى قتله حيا أو بقيام التناقض بين حكمين بحيث يستنتج منه براءة أحد المحكوم عليهما, وإما أن ينبني عليها انهيار أحد الأدلة المؤثرة في الحكم بالإدانة كالحكم على الشاهد أو الخبير بالعقوبة المقررة لشهادة الزور أو الحكم بتزوير ورقة قدمت في الدعوى أو إلغاء الأساس الذي بني عليه الحكم. والملاحظ أن القانون المصري كان في صدد تحديد الحالات التي يجوز فيها طلب إعادة النظر أكثر تشددا من القانون الفرنسي إذ بينما تنص الفقرة الأولى من المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية على "وجوب وجود المدعى قتله حيا" لاعتباره وجها لإعادة النظر, يترخص القانون الفرنسي فيكتفي بظهور أوراق من شأنها إيجاد الإمارات الكافية على وجوده حيا, وقد كان النص الفرنسي أمام الشارع المصري وقت وضع قانون الإجراءات الجنائية ومع ذلك فقد آثر احتراما لحجية الأحكام الجنائية إلا يكتفي بتطلب مجرد ظهور الدليل على وجود المدعي قتله حيا بل أوجب وجوده بالفعل حيا, مما يؤكد أن التشريع القائم لدينا لا يقبل الدليل المحتمل, بل إنه يتطلب الدليل الجازم القاطع بذاته في ثبوت براءة المحكوم عليه أو سقوط الدليل على إدانته. ولما كان من غير المقبول - على هدى ما تقدم - أن يتشدد الشارع في الحالات الأربع للمادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية ليفتح الباب على مصراعيه في الحالة الخامسة التي تستوعب بعمومها ما تقدمها, وإنما قصد بها - في ضوء الأمثلة التي ضربتها المذكرة الإيضاحية والتي تدل بذاتها على براءة المحكوم عليه أو يلزم عنها سقوط الدليل على إدانته أو على تحمله التبعة الجنائية, وباستصحاب سياسة التشريع والقاعدة العامة التي أرشد الشارع إلى عناصرها في الفقرات السابقة عليها - أن تكون نصا احتياطيا ابتغاء أن يتدارك بها ما عساه أن يفلت من صور تتحاذى معها ولا تنفك عنها والتي قد يتعذر فيها إقامة الدليل على الوجه المتطلب قانونا, كوفاة الشاهد أو عتهه أو تقادم الدعوى الجنائية قبله أو لغير ذلك من حالات شبيهة مما لازمه عدم الاكتفاء فيها بعدول مجرد لشاهد أو متهم عما سبق أن أدلى به لدى محكمة الموضوع دون أن يصاحب عدوله ما يحسم بذاته الأمر ويقطع بترتيب أثره في ثبوت براءة المحكوم عليه, وهو ما يقيم موازنة عادلة لا إفراط فيها أو تفريط بين حق المحكوم عليه وصالح المجتمع الذي يضيره المساس في غير سبب جازم بقوة الشيء المقضي فيه جنائيا وهي من حالات النظام العام التي تمس مصلحة المجتمع والتي تقضي بوضع حد لنزاع فصل فيه القضاء نهائيا, وهو ما سجلته المادة 455 من قانون الإجراءات الجنائية حين نصت على أنه لا يجوز الرجوع إلى الدعوى الجنائية بعد الحكم فيها نهائيا بناء على ظهور أدلة جديدة أو ظروف جديدة أو بناء على تغيير الوصف القانوني للجريمة, فأصبح بذلك حكم القضاء عنوان حقيقة هي أقوى من الحقيقة نفسها مما لا يصح معه النيل منها بمجرد دعوى غير حاسمة, كما أنه لا يجوز أن تكون محلا للمساومة بين الأفراد. والقول بغير ذلك مضيعة لوقت القضاء وهيبته ومجلبة لتناقض أحكامه ما بقى معلقا بمشيئة المحكوم عليهم كلما حلا لهم تجديد النزاع وإعادة طرحه على القضاء. لما كان ما تقدم, وكان الثابت من مدونات الحكم - موضوع الطلب - أنه عرض لواقعة عدول المجني عليه أمام مجلس الصلح الأول فحسمها بإطراحها تأسيسا على عدم حضور المجني عليه عند إجراء ذلك الصلح وعلى أن عقده المقدم في الدعوى لا يفيد أن طالبي إعادة النظر لم يرتكبا الجريمة. وكان الأصل أنه لا يكفي لإعادة النظر في الدعوى الإدعاء بأن المحكمة التي أصدرت الحكم كانت مخطئة في فهم الوقائع وتقدير الأدلة التي كانت مطروحة أمامها, ومن ثم يكون هذا الشق من أوجه الطلب هو في حقيقته من قبيل ذلك النعي الذي لا يقبل عرضه على محكمة النقض كوجه من أوجه طلب إعادة النظر. ولما كان عدول المجني عليه أمام هيئة المحكمين التي عقدت بعد الحكم عما سبق أن أدلى به أمام محكمة الموضوع باعتباره واقعة جديدة لم تكن معلومة وقت المحاكمة - لا يعدو أن يكون مجرد دليل احتمالي لا ينهض بذاته وجها لطلب إعادة النظر ما لم يصاحب هذا العدول ما يقطع في ترتيب أثره في إهدار الحقيقة التي سجلها الحكم - وهو ما خلت الأوراق من قيامه, ولا يشفع في ذلك ترديد هذا العدول أمام مجلس التحكيم أو تسجيله على المجني عليه سواء بجهاز التسجيل أو بإقرار كتابي ما دام أن ذلك العدول لا يتضمن بذاته دليلا معتبرا مقبولا يسوغ به طلب إعادة النظر في الحكم البات الذي صدر بإدانة الطالبين, ومن ثم يتعين عدم قبول الطلب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق