الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 12 سبتمبر 2016

الطعن 1814 لسنة 35 ق جلسة 25 / 4 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 90 ص 475

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة وبحضور السادة المستشارين: حسين السركي, ومحمد صبري, ومحمد عبد المنعم حمزاوي, وبطرس زغلول.
------------
- 1  خطأ . قتل خطأ.
عدم مراعاة القوانين والقرارات واللوائح والأنظمة. إمكان اعتباره خطأ مستقلا بذاته في جرائم القتل الخطأ . شرط ذلك أن تكون هذه المخالفة هي بذاتها سبب الحادث ، بحيث لا يتصور وقوعه لولاها
عدم مراعاة القوانين والقرارات واللوائح والأنظمة وإن أمكن اعتباره خطأ مستقلاً بذاته في جرائم القتل الخطأ، إلا أن هذا مشروط بأن تكون هذه المخالفة هي بذاتها سبب الحادث بحيث لا يتصور وقوعه لولاها. ولما كان الحكم المطعون فيه قد دلل بأسباب سائغة على أن خطأ المطعون ضده في مخالفة قرار وزير الداخلية في شأن سرعة السيارات داخل المدن لم يكن في حد ذاته سبباً في قتل المجني عليه، فإن رابطة السببية بين الخطأ والنتيجة تكون غير متوافرة، ويكون الحكم صحيحاً فيما انتهى إليه في هذا الخصوص والنعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون غير سديد.
- 2
خطأ . رابطة السببية . قتل خطأ
خطأ المجني عليه يقطع رابطة السببية متي استغرق خطأ الجاني ، وكان كافيا بذاته لإحداث النتيجة . تقدير توافر السببية بين الخطأ والنتيجة أو عدم توافرها . موضوعي
من المقرر أن خطأ المجني عليه يقطع رابطة السببية متى استغرق خطأ الجاني وكان كافياً بذاته لإحداث النتيجة. وتقدير توافر السببية بين الخطأ والنتيجة أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصلها في الأوراق. ولما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر من أقوال شاهدة الرؤية الوحيدة أن المجني عليه كان أثناء عدوه عابراً الطريق على مسافة قريبة جداً من السيارة وأن أقوالها تتفق ودفاع المطعون ضده بأنه رأى المجني عليه على مسافة ثلاثة أمتار، وكانت المعاينة لا تنفي وقوع الحادث على هذه المسافة، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد ينحل إلى جدل في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة.
-------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 28 سبتمبر سنة 1963 بدائرة قسم مصر الجديدة محافظة القاهرة: تسبب خطأ في موت ........ وكان ذلك ناشئا عن إهماله ورعونته وعدم مراعاته للقرارات واللوائح بأن قاد سيارته بسرعة فائقة فصدم المجني عليه حال عبوره الطريق فاحدث إصابته التي أودت بحياته. وطلبت عقابه بالمادة 238/1 من قانون العقوبات. وادعى بحق مدني كل من ....... و...... وطلبا القضاء لهما قبل المتهم وشركة الخطوط الجوية اليابانية بالتضامن بمبلغ 5000ج على سبيل التعويض مع المصاريف وأتعاب المحاماة. ومحكمة مصر الجديدة الجزئية قضت حضوريا في 23 فبراير سنة 1964 ببراءة المتهم مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية وإلزام المدعيين بالحق المدني مصاريفها. فاستأنفت النيابة العامة والمدعيان بالحق المدني هذا الحكم ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا في 20 من أبريل سنة 1964 بقبول الاستئنافين شكلا وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت الطاعنة (النيابة العامة) في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
------------
المحكمة
وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة القتل الخطأ المسندة إليه قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب, ذلك بأن الحكم الابتدائي الذي أخذ بأسبابه الحكم المطعون فيه انتهى في قضائه إلى انقطاع رابطة السببية بين الخطأ والضرر مستندا في ذلك إلى أن الحادث كان لا محالة واقع لاندفاع المجني عليه نحو السيارة بغير انتباه لآلة التنبيه, في حين أن سرعة السيارة -بإقرار المطعون ضده- كانت تجاوز السرعة المسموح بها قانونا وفقا للمادة الأولى من قرار وزير الداخلية الصادر بتنفيذ أحكام القانون رقم 449 لسنة 1955 في شأن السيارات وقواعد المرور. ومن ناحية أخرى, فإن الثابت من المعاينة أن هناك آثار فرامل للسيارة طولها 35 مترا مما مؤداه أن المطعون ضده رأى المجني عليه على هذه المسافة أو ما يزيد عليها فليس له أن يحتج بعد ذلك بعنصر المفاجأة لأنه لو قاد السيارة بسرعة معتدلة وفي حدود المقرر قانونا لأمكنه أن يتفادى الاصطدام بالمجني عليه عندما شاهده على تلك المسافة مما يوفر رابطة السببية بين الخطأ والضرر ويعيب الحكم بما يستوجب نقضه
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله: "إن الواقعة تتحصل فيما ثبت في محضر الضبط أن السيارة رقم 39747 ملاكي القاهرة قيادة المتهم -المطعون ضده- صدمت المجني عليه فأصابته بجروح أودت بحياته... وبسؤال ................................ قررت أنها كانت تجلس ومعها المجني عليه وأخويه بالحديقة الموجودة بوسط شارع العروبة ثم قرر لها المجني عليه أنه ظمآن وطلب ماء فطلبت إليه الانتظار قليلا غير أنه جرى في غفلة منها عابرا الطريق فصدمته السيارة عند منتصف الطريق وأضافت أن المجني عليه كان يعبر الطريق جريا وأن السيارة كانت تسير بسرعة كبيرة وأن سائقها كان يستعمل آلة التنبيه وأن المسافة كانت قصيرة جدا بين السيارة والمجني عليه... وبسؤال المتهم قرر أنه كان يقود السيارة المذكورة بسرعة 80 كيلو مترا في شارع العروبة ثم فوجئ بالمجني عليه على مسافة ثلاثة أمتار من السيارة يعبر الطريق جريا فضغط على الفرامل لإيقاف السيارة غير أنها اصطدمت بالمجني عليه". وبعد أن أورد الحكم مؤدى التقرير الطبي الموقع على المجني عليه خلص إلى انقطاع رابطة السببية بين الخطأ والضرر في قوله: "متى كان المستفاد من أقوال ...................... التي كانت ترافق المجني عليه غافلها وجرى عابرا الطريق في وقت مرور السيارة فوقع الحادث وقد أيد هذا القول دفاع المتهم الذي ذهب إليه من أنه فوجئ بالمجني عليه جريا ومن ذلك يبين أن السرعة التي كانت عليها السيارة وقت الحادث لم تكن هي سبب الحادث وأن الحادث كان لا محالة واقعا ما دام الثابت أن المجني عليه هو الذي اندفع أمام السيارة بغير انتباه لآلة تنبيه السيارة وبذلك تنقطع علاقة السببية بين خطأ المتهم وقتل المجني عليه فتفقد الجريمة أحد العناصر المكونة لها". ومؤدى ما أورده الحكم فيما تقدم أن المجني عليه قد أخطأ بعبوره الطريق عدوا وقت مرور السيارة وعلى مسافة قريبة منها وبغير انتباه لآلة التنبيه وأن هذا الخطأ كاف في حد ذاته لإحداث النتيجة بحيث يستغرق خطأ المتهم الذي يتمثل في قيادته السيارة بسرعة. لما كان ذلك, وكانت الطاعنة تنعى على الحكم التفاته عما أسفرت عنه المعاينة من وجود آثار لفرامل السيارة بطول 35 مترا وما تشير إليه هذه الآثار من مشاهدة الجاني للمجني عليه على هذه المسافة أو ما يزيد عنها. وكان يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقا لوجه الطعن أن ضابط شرطة النجدة وإن أثبت في المعاينة أن هناك آثار فرامل للسيارة بطول 35 مترا إلا أنه لم يستطع تحديد موضع هذه الآثار بالنسبة إلى مكان إصابة المجني عليه نظرا إلى عدم وجود أثر دماء تحدد موضع التصادم ولنقل المجني عليه إلى المستشفى قبل وصول شرطة النجدة إلى مكان الحادث, وبذلك خلت المعاينة من إثبات أن آثار الفرامل تنتهي في مكان إصابة المجني عليه وبالتالي فإن ما تثيره الطاعنة من أن المطعون ضده رأى المجني عليه على هذه المسافة لا يكون له سند في الأوراق. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن خطأ المجني عليه يقطع رابطة السببية متى استغرق خطأ الجاني وكان كافيا بذاته لإحداث النتيجة. وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر من أقوال شاهدة الرؤية الوحيدة أن المجني عليه كان أثناء عدوه عابرا الطريق على مسافة قريبة جدا من السيارة وأن أقوالها تتفق ودفاع المطعون ضده بأنه رأى المجني عليه على مسافة ثلاثة أمتار. ولما كانت المعاينة لا تنفي وقوع الحادث على هذه المسافة. وكان تقدير توافر السببية بين الخطأ والنتيجة أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام تقديرها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة ولها أصلها في الأوراق -وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره- فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد ينحل إلى جدل في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة. لما كان ذلك, وكان عدم مراعاة القوانين والقرارات واللوائح والأنظمة وإن أمكن اعتباره خطأ مستقلا بذاته في جرائم القتل الخطأ, إلا أن هذا مشروط بأن تكون هذه المخالفة هي بذاتها سبب الحادث بحيث لا يتصور وقوعه لولاها. ولما كان الحكم المطعون فيه قد دلل بأسباب سائغة على أن خطأ المطعون ضده في مخالفة قرار وزير الداخلية في شأن سرعة السيارات داخل المدن لم يكن في حد ذاته سببا في قتل المجني عليه, فإن رابطة السببية بين الخطأ والنتيجة تكون غير متوافرة، ويكون الحكم صحيحا فيما انتهى إليه في هذا الخصوص والنعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون غير سديد. لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق