الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 17 سبتمبر 2016

الطعن 10639 لسنة 66 ق جلسة 3 / 4 / 1997 مكتب فني 48 ق 61 ص 420

جلسة 3 من إبريل سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ د. عادل قوره نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وأحمد عبد الرحمن وعاطف عبد السميع نواب رئيس المحكمة. ورضا القاضي.

---------------

(61)
الطعن رقم 10639 لسنة 66 القضائية

(1) نيابة عامة. نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة في قضايا الإعدام. غير لازم. علة ذلك؟
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها.
(2) قتل عمد. قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
القصد الاحتمالي. ماهيته؟
القصد الاحتمالي في جريمة القتل العمد. توافره بتوقع الجاني وفاة المجني عليه كأثر ممكن لفعله وأن يقبل ويرضى بتحقق هذه النتيجة.
القضاء بإدانة متهم في جناية استناداً إلى توافر القصد الاحتمالي. يوجب التحدث عن اتجاه إرادته نحو إزهاق روح المجني عليه إلى جانب الغرض الأول الذي استهدفه بفعله وإيراد الأدلة التي تكشف عنه.
مثال لتسبيب معيب للتدليل على توافر القصد الجنائي الاحتمالي في جريمة قتل عمد.

-------------
1 - لما كانت النيابة العامة قد عرضت القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها ارتأت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه إعمالاً لنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على مراعاة المواعيد الخاصة في هذا الشأن - إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتتبين من تلقاء نفسها - دون أن تتقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة للدعوى.
2 - من المقرر أن القصد الاحتمالي هو نية ثانوية تختلج بها نفس الجاني، قوامه أن يتوقع أن فعله يمكن أن يحدث النتيجة الإجرامية التي لا يتغياها بالدرجة الأولى، فيمضي مع ذلك في تنفيذ الفعل، مستوياً لديه حصول هذه النتيجة أو عدم حصولها بما يوفر لديه قبول تحققها، ومن ثم يجب لتوفر القصد الاحتمالي في جريمة القتل العمد أن يكون الجاني قد توقع وفاة المجني عليه كأثر ممكن لفعله، وأن يقبل ويرضى بتحقق هذه النتيجة، وينبغي على الحكم الذي يقضي بإدانة متهم في هذه الجناية استناداً إلى توافر القصد الاحتمالي لديه أن يعنى بالتحدث استقلالاً عن اتجاه إرادته نحو إزهاق روح المجني عليه، متمثلاً في قبوله تحقق هذا الغرض إلى جانب الغرض الأول الذي استهدفه بفعله، وأن يورد الأدلة التي تدل عليه وتكشف عنه، فلا يكفيه في هذا المقام التحدث عن استطاعة المتهم التوقع أو وجوبه بل يجب عليه أن يدلل على التوقع الفعلي وقبول إزهاق روح المجني عليه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد تحدث عن نية القتل بقوله: "وحيث إن جريمة القتل العمد فقد تطلب الشارع قصداً خاصاً فيها وهو ضرورة توافر نية القتل كما تقوم ذات الجريمة إذا ما توافر القصد الاحتمالي وهو الحالة الذهنية للشخص الذي يتمثل النتائج الممكنة أو المحتملة لفعله أو الذي يعلم أن وضعاً إجرامياً معيناً يمكن أن ينشأ من نشاطه بحيث لا يكون تحقق هذه النتائج أو هذا الوضع داخلاً في الهدف أو الدافع إلى النشاط ولكنه يريده أي يريد النشاط، وعلى ذلك فإن الجاني قد يتعمد جريمة معينة فتتحقق بدلاً منها جريمة أخرى أو قد تتحقق الجريمة المقصودة ومعها جريمة ثانية فطبقاً لنظرية القصد الاحتمالي ينبغي مساءلة الجاني عن جميع النتائج التي تحصل إذا كانت مقبولة أو بالأقل متوقع حدوثها. وإذ كان ذلك، وكان المتهم قد جذب المجني عليها داخل المنزل المهجور لهتك عرضها وحال تنفيذه لتلك الجريمة وضع يده على فيها وأنفها فإن ذلك الفعل من جانب المتهم هو الذي أدى إلى وفاة المجني عليها نتيجة اسفكسيا كتم النفس كما أورى تقرير الصفة التشريحية وأن تلك النتيجة التي ترتبت علي فعل المتهم مألوفة ومتوقعة نتيجة وضع اليد على فاها وأنفها وكتم نفسها وبالتالي حقق جريمته المقصودة وهي هتك العرض كما تحقق معها جريمة أخرى كنتيجة للأولى وهي جريمة القتل العمد لتوافر القصد الاحتمالي في حقه". ولما كان ما أورده الحكم في هذا الخصوص، وما ساقه من أدلة الثبوت استدلالاً منه على توافر نية القتل في حق الطاعن قد وقف عند حد التدليل على إمكان توقع تحقق وفاة المجني عليه كأثر لفعل الطاعن - باعتبار أن ذلك من النتائج المألوفة - دون أن يعني بالكشف عن توافر التوقع الفعلي لدى الطاعن واتجاه إرادته نحو إزهاق روح المجني عليه فإنه يكون مشوباً بالقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل عمداً..... وذلك بأن وضع يده على فيها وأنفها وكتم أنفاسها قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصفة بتقرير الطب الشرعي والتي أودت بحياتها وقد تقدمتها جناية أخرى هي أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر هتك عرض المجني عليها سالفة الذكر والتي لم تبلغ من العمر سبع سنين كاملة بأن اقتادها إلى منزل مهجور وأنزل عنها سروالها ولامس بقضيبه فرجها، وأحالته إلى محكمة جنايات قنا لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بإجماع الآراء بإرسال الدعوى لفضيلة مفتى الديار المصرية لاستطلاع الرأي الشرعي فيما نسب إلى المتهم وحددت جلسة...... للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضورياً بإجماع الآراء عملاً بالمادتين 234/ 1، 2، 269 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض وقيدت بجدولها برقم.... لسنة 64 القضائية. وتلك المحكمة - محكمة النقض - قضت بقبول عرض النيابة للقضية وقبول طعن المحكوم عليه شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة.
ومحكمة الإعادة قررت بإجماع الآراء بإرسال أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتي الجمهورية لاستطلاع الرأي وحددت جلسة...... سنة 1996 للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت حضورياً بإجماع الآراء عملاً بالمادتين 234/ 1 - 2، 269 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض، كما عرضت النيابة العامة القضية بمذكرة مشفوعة بالرأي... الخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة عرضت القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها ارتأت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه إعمالاً لنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على مراعاة المواعيد الخاصة في هذا الشأن - إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - دون أن تتقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب. يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة للدعوى.
ومن حيث إن طعن المحكوم عليه استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد المقترنة بجناية هتك العرض قد شابه فساد في الاستدلال ذلك أنه دلل على توافر نية القتل لدى الطاعن بما لا يسوغ مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن القصد الاحتمالي هو نية ثانوية تختلج بها نفس الجاني، قوامه أن يتوقع أن فعله يمكن أن يحدث النتيجة الإجرامية التي لا يتغياها بالدرجة الأولى، فيمضي مع ذلك في تنفيذ الفعل، مستوياً لديه حصول هذه النتيجة أو عدم حصولها بما يوفر لديه قبول تحققها، ومن ثم يجب لتوفر القصد الاحتمالي في جريمة القتل العمد أن يكون الجاني قد توقع وفاة المجني عليه كأثر ممكن لفعله، وأن يقبل ويرضى بتحقق هذه النتيجة، وينبغي على الحكم الذي يقضي بإدانة متهم في هذه الجناية استناداً إلى توافر القصد الاحتمالي لديه أن يعني بالتحدث استقلالاً عن اتجاه إرادته نحو إزهاق روح المجني عليه، متمثلاً في قبوله تحقق هذا الغرض إلى جانب الغرض الأول الذي استهدفه بفعله، وأن يورد الأدلة التي تدل عليه وتكشف عنه، فلا يكفيه في هذا المقام التحدث عن استطاعة المتهم التوقع أو وجوبه بل يجب عليه أن يدلل على التوقع الفعلي وقبول إزهاق روح المجني عليه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد تحدث عن نية القتل بقوله: "وحيث إن جريمة القتل العمد فقد تطلب الشارع قصداً خاصاً فيها وهو ضرورة توافر نية القتل كما تقوم ذات الجريمة إذا ما توافر القصد الاحتمالي وهو الحالة الذهنية للشخص الذي يتمثل النتائج الممكنة أو المحتملة لفعله أو الذي يعلم أن وضعاً إجرامياً معيناً يمكن أن ينشأ من نشاطه بحيث لا يكون تحقق هذه النتائج أو هذا الوضع داخلاً في الهدف أو الدفع إلى النشاط ولكنه يريده أي يريد النشاط، وعلى ذلك فإن الجاني قد يتعمد جريمة معينة فيتحقق بدلاً منها جريمة أخرى أو قد تتحقق الجريمة المقصودة ومعها جريمة ثانية فطبقاً لنظرية القصد الاحتمالي ينبغي مساءلة الجاني عن جميع النتائج التي تحصل إذا كانت مقبولة أو بالأقل متوقع حدوثها. وإذ كان ذلك، وكان المتهم قد جذب المجني عليها داخل المنزل المهجور لهتك عرضها وحال تنفيذه لتلك الجريمة وضع يده على فيها وأنفها فإن ذلك الفعل من جانب المتهم هو الذي أدى إلى وفاة المجني عليها نتيجة اسفكسيا كتم النفس كما أورى تقرير الصفة التشريحية وأن تلك النتيجة التي ترتبت عليها فعل المتهم مألوفة ومتوقعة نتيجة وضع اليد على فيها وأنفها وكتم نفسها، وبالتالي حقق جريمته المقصودة وهي هتك العرض، كما تحقق معها جريمة أخرى كنتيجة للأولى وهي جريمة القتل العمد لتوافر القصد الاحتمالي في حقه". ولما كان ما أورده الحكم في هذا الخصوص وما ساقه من أدلة الثبوت استدلالاً منه على توافر نية القتل في حق الطاعن قد وقف عند حد التدليل على إمكان توقع تحقق وفاة المجني عليه كأثر لفعل الطاعن - باعتبار أن ذلك من النتائج المألوفة - دون أن يعني بالكشف عن توافر التوقع الفعلي لدى الطاعن واتجاه إرادته نحو إزهاق روح المجني عليه فإنه يكون مشوباً بالقصور في هذا الصدد متعيناً نقضه. وتحديد جلسة لنظر الموضوع دون حاجة إلى بحث سائر أسباب الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق